على قدر ما نخوض مصاعب الحياة، ونعطيها من ثمرة الجهد والوقت، والفكر والكدّ والعناء، على قدر ما نأخذ منها من إنجازات ونجاحات تضافُ إلى أرصدتنا الخاصّة.
كلما صعدنا سلّمها كلما ازداد شعورنا بفرح الارتقاء، وازدادت رغبتنا بالوصول أسرع إلى الهدف المنشود الذي رصدناه لأنفسنا .
كثيراً ما تضيع الأهداف وتتساقط على الطريق، وتبقى أشباحها، وهياكلها الفارغة، لتشعرنا بالطمأنينة لوجودها إن هزّنا وازع الضمير في البحث عنها.
نرمقها من بعيد وقد اعتلاها غبارُ الزمن، ونبتسم كونها موجودة في حال سُئلنا عنها، ونكمل سيرنا وقد أغرقتنا مشكلات الوصول وعقباته وحواجزه، لتلهينا وتشغلنا بفتات النجاح، عن جوهره ومكنونه !
لكن الاكتشاف لحقيقة الذات ومعدنها لا يكون إلا عبر اختبارٍ قاسٍ نخضع له..
ذلك الاختبار قد يظهر لنا عبر صورة ساحرة، أو عرض مغرٍ يسحر القلب، ويغري العقل، عرض لا يمكن مقاومته، ولا حتى رفضه، لأنه لا يوجد أحد عاقل أبداً قد يفكر برفض شيء مثله ..
في تلك اللحظة يقع الصراع ..
نفسك تشدّك بقوة صوبه، تصرخ بك كي تقبل به، وأنت حائرٌ قد وجدت نفسك فجأة أمام أمر لم تتوقعه، تخشى استشارة أحد المقربين فيخذلك، تكاد تستسلم، تتجه خطوة نحوه، فتتبدى خطورته فجأة، وتفكر ..
ماذا اقترفت ؟ وإلى أين اتجهت ؟ هل هذا هو طريقك حقاً ؟ هل تمشي نحو هدفك ؟ أم تاهت بك السبل، وتشتت بك الدروب ..
ما تزال نفسك تنادي بك كي تستسلم، لكن وازع الضمير يهزّك، يحركك إلى أن تتخذ قراراً قد يبدو صعباً في بدايته، تفكر ملياً، وتحدق في دربك، تتذكر رفيع أهدافك، وكل ما قامت عليه إنجازاتك من مبادئ، ولا تلبث وأن تحسم أمرك، وتواجه الصعب بشجاعة، لتتراجع بضع درجات في السلم، مقدار مدة التوقف والضياع، تحمد الله كثيراً أن هداك لكي تعود، ولا تلبث وأن تتابع سيرك، بسعادة لا تخفى، وقد فهمت بأن الحياة مبدأ، وسعدت بأن عثرت على نفسك من جديد .