أَجَلٌ وإن طال الزمانُ مُوافي =أَخْلى يدَيْكَ من الخليلِ الوافِي
داعٍ إلى حقٍّ أهابَ بخاشعٍ =لبس النذيرَ على هُدًى وعفاف
ذهب الشبابُ ، فلم يكن رزئي به =دونَ المصابِ بصَفوة الأُلاَّف
جَللٌ من الأَرزاءِ في أَمثاله =هممُ العزاءِ قليلة ُ الإسعاف
خفَّتْ له العبراتُ ، وهي أبيَّة ٌ =في حادثاتِ الدهر، غيرُ خِفاف
ولكلّ ما أَتلفْتَ من مُستكرَمٍ =إلا مودّاتِ الرجالِ تَلاف
ما أنتِ يا دنيا ؟ أرؤيا نائمٍ =أم ليلُ عرسٍ ، أم بساط سلاف ؟
نعماؤكِ الرَّيحانُ ، إلا أنه =مسَّتْ حواشيه نقيعَ زعافي
مازلتُ أصحبُ فيكِ خلقاً ثابتاً =حتى ظفرتُ بخلقكِ المتنافي
ذهب الذبيحُ السمحُ مثل سميِّه =طهرَ المكفَّنِ ، طيِّب الألفاف
كم بات يذبحُ صدرَه لشكاته =أَتُراه يحسبها من الأَضياف؟
نَزَلتْ على سَحْرِ السَّماح ونَحْرِه =وتقاَّبتْ في أكرمِ الأكناف
لَجَّتْ على الصَّدر الرحيبِ وبرِّحَتْ =بالكاظم الغيظِ ، الصَّفوح ، العافي
ما كان أقسى َ قلبها من علَّة =علقتْ بأرحم حيَّة وشغاف
قلبٌ لو انتظم القلوبَ حَنانهُ =لم يبْق قاسٍ في الجوانح جافي
حتى رماه بالمنيَّة فانجلتْ =منْ يبتلي بقضائه ويعافى
أخنتْ على الفلكِ المدارِ فلم يدرْ =وعلى العباب فقرَّ في الرجّاف
ومَضَتْ بنارِ العبقريّة ِ، لم تَدَعْ =غيرَ الرَّمادِ، ودارساتِ أَثافي
حَملوا على الأَكتاف نورَ جلالة ٍ =يذرَ العيونَ حواسدَ الأكتاف
وتقلدوا النعشَ الكريمَ يتيمة ً =ولكَمْ نعوشٍ في الرقاب زياف
متمايلَ الأعوادِ ممّا مسَّ من =كرمٍ ، وممّا ضمَّ من أعطاف
وسَلامُ أَهلٍ وُلَّعٍ وصَحابة ٍ =وإذا جلالُ العبقريّة ِ ضافي
ويحَ الشبابِ وقد تخطَّرَ بينهم =هل متِّعوا بتمسُّحٍ وطواف ؟
لوعاش قدوتهم وربُّ لوائهم =نكسَ اللواءَ لثابتٍ وقَّاف
فلكَمْ سقاه الودَّ حينَ وِدادُه =حربٌ لأَهل الحكمِ والإشراف
لا يومَ للأقوامِ حتى ينهضوا =بقوادمٍ من أمسهم وخوافي
لا يُعْجِبنَّكَ ما ترى من قُبَّة ٍ =ضربوا على موتاهُم، وطِراف
هجموا على الحقِّ المبينِ بباطلٍ =وعلى سبيل القصدِ بالإسراف
يبنون دارَ الله كيف بدا لهم =غُرُفاتِ مُثْرٍ، أَو سقيفة َ عافي
ويُزوِّرون قبورَهم كقصورهم =والأرضُ والرُّفاتُ السافي
فُجعَتْ رُبى الوادي بواحد أَيكِها =وتجرَّعَت ثُكْلَ الغدير الصافي
فقدتْ بناناً كالربيع، مُجيدة ً =وشْيَ الرياضِ وصنعَة َ الأَفواف
إن فاته نسَبُ الرَّضِيِّ فرُبَّما =جريا لغاية سؤددٍ وطراف
أَو كان دون أَبي الرضيِّ أُبوَّة ً =فلقد أعادَ بيانَ عبد منافِ
شرفُ العصاميِّين صنعُ نفوسهم =مَن ذا يقيس بهم بني الأَشراف؟
قل للمشير إلى أبيهِ وجدهِ =أَعَلِمْتَ للقمرَيْنِ من أَسلاف؟
لو أَن عمراناً نِجارُك لم تَسُدْ =حتى يُشارَ إليك في الأَعراف
قاضي القضاة جَرَتْ عليه قضيّة ٌ =للموتِ ، ليس لهامن استئناف
ومصرِّفُ الأحكام موكولٌ إلى =حكم المنيَّة ، ما له من كافي
ومنادمُ الأملاكِ تحت قبابهم =أَمسى تُنادِمُه ذِئابُ فَيَافي
في منزلٍ دارت على الصِّيد العلا =فيه الرَّحى ومشتْ على الأرداف
وأزيلَ من حسن الوجوهِ وعزِّها =ما كان يعبد من وراءِ سِجاف
من كلِّ لمَّاحِ النعيم تَقلَّبتْ =ديباجتاهُ على بلى وجغاف
وترى الجماجمَ في الترابِ تماثلتْ =عدَ العقولِ تماثلِ الأصداف
وترى العيونَ القاتِلاتِ بنظرة ٍ =مَنهوبَة َ الأَجفانِ والأَسياف
وتُراعُ من ضَحِكِ الثُّغورِ، وطالما =فتنتْ بحلو تبسُّمٍ وهتاف
غزت القرونَ الذاهبين غزالة ٌ =دمُهم بذِمّة قرْنِها الرَّعّاف
يجري القضاءُ بها ، ويجري الدهرُ عن =يدها ، فيا لثلاثة ٍ أحلاف !
ترمي البريَّة َ بالحبولِ ، وتارة ً =بحبائلٍ من خَيْطها وكفاف
نسجتْ ثلاثَ عمائمٍ ، واستحدثتْ =أكفانَ موتى من ثيابِ زفاف
أأبا الحسين ، تحية ً لثراكَ من =روحٍ وريحانٍ وعذبِ نطاف
وسلامُ أهلٍ ولَّهٍ وصحابة =حَسرَى على تلك الخِلالِ لِهاف
هل في يديَّ سوى قريضٍ خالدٍ =أزجيهِ بين يديكَ للإتحاف ؟
ماكان أكرمه عليك ! فهل ترى =أني بعثتُ بأكرمِ الألطاف ؟
هذا هو الرَّيحانُ ، إلا أنه =نَفحاتُ تلك الروْضة ِ المِئْناف
والدُّرُّ ، إلا أن مهدَ يتيمه =بالأمسِ لجَّة ُ بحرك القذَّاف
أَيامَ أَمرَحُ في غُبارِكَ ناشئاً =نَهْجَ المهار على غُبار خِصاف
أَتعلَّمُ الغاياتِ كيف تُرامُ في =مضمارِ فضلٍ أو مجالِ قوافي
يا راكبَ الحدباءِ، خلِّ زِمامَها =ليس السبيلُ على الدليل بِخافي
دانَ المطيَّ الناسُ، غيرَ مطيَّة ٍ =للحقِّ ، لا عجلَى ، ولا ميجاف
لا في الجيادِ ، ولا النِّياقِ ، وإنما =خُلِقَتْ بغير حوافرٍ وخِفاف
تنتاب بالركبانِ منزلة َ الهدى =وتؤمُّ دار الحقِّ والإنصاف
قد بلغتْ ربَّ المدائنِ ، وانتهتْ =حيثُ انتهيْتَ بصاحبِ الأَحقاف
نمْ ملءَ جفنك ، فالغدوُّ غوافلٌ =عمّا يَروعك، والعَشِيُّ غوافي
في مضجع يكفيك من حسناتهِ =أَن ليس جَنْبُك عنه بالمتجافي
واضحك من الأقدارِ غير معجَّزِ =فاليوم لست لها من الأهداف
والموتُ كنتَ تخافه بك ظافراً =حتى ظفرت به ، فدعه كفاف
قُلْ لي بسابقة ِ الوِدادِ: أَقاتِلٌ =هو حين يَنزِلُ بالفَتى ، أَم شافي؟
في الأَرضِ من أَبوَيْكَ كنزا رحمة ٍ =وهوًى ، وذلك من جِوارٍ كافي
وبها شبابك واللِّداتُ ، بكيته =وبكيتهم بالمدمع الذَّرَّاف
فاذهب كمصباحِ السماءِ ، كلاكما =مال النهار به ، وليس بطافي
الشمسُ تخلفُ بالنجومِ وأنت بال =آثار ، والأخبار والأوصاف
غلب الحياة َ فتًى يسدُّ مكانَها =بالذكرِ، فهو لها بَدِيلٌ وافي