--------------------------------------------------------------------------------
على قدر أهل العزم تأتي العزائم **** وتأتي على قدر الكرام المكارم
و تعـظم في عين الصغير صغارها **** وتصغــر في عين العظيم العظائم
يكلف سيف الــدولة اليوم همه **** و قد عجزت عنه الجيوش الخضارم
و يطلب عند الناس ما عند نفسه **** و ذلك ما لا تدعيه الضراغــم
يفدي أتم الطيــر عمرا سلاحه **** نسور الفلا أحداثها و االقشاعم
و ما ضرها خلق بغير مخالب **** وقد خلقت أسيافه و القوائم
هل الحدث الحمراء تعرف لونها **** و تعلم أي الساقيين االغمائم
سقتها الغمام الغر قبل نزولــه **** فلما دنا منها سقتها الجماجم
بناها فاعلى و القنا يقرع القنا **** و موج المنايا حولها متلاطم]
و كان بها مثل الجنون فاصبحت **** ومن جثث القتلى عليها تمائم
طريدة دهــر ساقها فرددتها **** على الدين بالخطي و الدهر راغم
تفيت الليالي كل شيء اخذته **** و هن لما يأخذن منك غوارم
إذا كان ما تنويه فعلا مضــارعا **** مضى قبل ان تلقى عليه الجوازم
و كيف ترجى الروم و الفرس هدمها **** و ذا الطعن آساس لها و دعائم
و قــد حاكموها و المنايا حواكم **** فما مات مظلوم ولا عاش ظالم
أتوك يجــرون الحديــد كأنما ****سروا بجياد مالهــن قوائــم
إذا برقوا لم تعرف البيض منهم **** ثيابهم من مثلها و العمائم
خميس بشرق الأرض و الغرب **** زحفه و في أذن الجوزاءمنه زمازم
تجمّــَع فيه كل لِِسْنٍ و أمة **** فما يُفهم الحدَّاث إلا التراجم
فللّه وقت ذوب الغش ناره **** فلم يبق إلا صارم أو ضبارم
تقطَّع مالا يقطع الدهر و القنا **** و فر من الفرسان من لا يصادم
وقفت و ما في الموت شك لواقف **** كأنك في جفن الردى و هو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة **** و وجهك وضاح و ثغرك باسم
تجاوزت مقدار الشجاعة و النهى **** إلى قول قوم انت بالغيب عالم
ضممت جناحيهم على القلب ضمة **** تموت الخوافي تحتها و القوادم
بضرب اتى الهامات و النصر غائب **** و صار إلى اللبات و النصر قادم
حقرت الردينيات حتى طرحتها **** و حتى كأن السيف للرمح شاتم
و من طلب الفتح الجليل فإنما **** مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
نثرتهم فوق الأُحَيدب كله **** كما نثرت فوق العروس الــدراهم
تدوس بك الخيل الوكور على الذرى **** و قد كثرت حول الوكور المطاعم
تظن فراخ الفتخ أنك زرتها **** بأُماتها وهي العتــاق الصلادم
إذا زلقــت مشَّيتها ببطونها **** كما تتمشى في الصعيـد الأراقـم
أفي كل يوم ذا الدُّمستق مقدم **** قفاه على الإقدام للوجه لائم
أيُنكر ريح الليث حتى يَذوقَه **** وقد عرفت ريح الليوث البهائم
و قد فجعته بابنه و ابن صهره **** و بالصهر حملات الأمير الغواشم
مضى يشكر الأصحاب في فوته الظُّبى **** لما شغلتها هامهم و المعاصم
و يفهم صوت المشرفية فيهم **** على أن أصوات السيوف أعاجم
يُسَرُّ بما أعطاك لا عن جهالة **** و لكن مغنوما نجا منك غانم
و لســت مليكا هازما لنظيره **** ولكنك التوحيد للشرك هازم
تشرّف عدنان به لا ربيعة **** و تفتخر الدنيا به لا العواصم
لك الحمد في الدر الذي لي لفظه **** فإنك معطيه و إني ناظم
و إني لتعدو بي عطاياك في الوغى **** فلا انا مذموم ولا انت نادم
على كل طيار إليها برجله **** إذا وقعت في مسمعيه الغماغم
ألا ايه السيف الذي ليس مغمدا **** و لا فيه مرتاب ولا منه عاصم
هنيئا لضرب الهام والمجد و العلى **** و راجيك و الإسلام أنك سالم
ولم لا يقي الرحمن حديك ما وقى **** و تفليقه هام العدى بك دائم
أبو الطيب المتنبي