السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد.
توفي (54 هـ /673 م)
شاعر النبي (صلى الله عليه وسلم) وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام. وكان من سكان المدينة.
واشتهرت مدائحه في الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام، وعمي قبل وفاته.لم يشهد مع النبي (صلى الله عليه وسلم) مشهداً لعلة أصابته.توفي في المدينة.
قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام.
وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.
كان حسان بن ثابت شاعرا جوالا في الجاهلية و كان من أعظم شعراء العرب ثم دخل الإسلام فكان شعره سندا و قوة للإسلام و أثرت في شعره طبيعة المدينة ذات النخيل السامق .
و كان حسان مقطوع الأكحل ( عرق اليد ) لكن شعره كان أمضى سلاح و كان يخاف كثيرا أن يهجوا قريشا و رسول الله منهم .
و لكن النبي شجعه و قال : '' ما يمنع القوم الذين نصروا رسول اله بسلاحهم أن ينصروه بألسنتهم ''
فقال حسان : أنا لها .
قال الرسول صلى الله عليه و سلم : كيف تهجوهم و أنا منهم
قال حسان : أسلك كما تسل الشعرة من العجين
و استعان ( بأبي بكر ) رضي الله عنه لمعرفة مخازيهم حتى أحرجهم جميعا و أمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يقام له منبر يلفي منه شعره فتردده الجزيرة و تصدى له مائة شـــــــــــاعر مشرك فقرهم جميعا و كان النبي صلى الله عليه و سلم يعجب بشعره و يقول له ' أحْدُ ' أي أنشد و النبي على ناقته فينشد فيقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( لهذا أشد عليهم من وقع النبل )
و قال النبي صلى الله عليه و سلم عن حسان : ( لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق )
و يوم الأحزاب قام شعراء المشركين يهجون النبي و المسلمين فقام لهم عبد الله بن رواحة و كعب بن مالك و لكن النبي اجلسهم و قال ( اهجهم أنت يا حسان و روح القدس يعينك ) لابن هشام
و قد سجل شعره كل معارك النبي صلى الله عليه و سلم و وصف الصحابة
أما يوم الأحزاب وضعه النبي صلى الله عليه و سلم لحماية النساء في أحد الحصون و تسلل رجل يهودي فلم يقدر على مواجهته فنهضت صفية بنت عبد المطلب و ضربته فمات
و لما مات النبي صلى الله عليه و سلم رثـــــــــــاه بلوعة حتى فقد بصره من شدة الحزن .
لقد تجلى رثاء حسان بن ثابت رضي الله عنه عندما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى في السنة الحادية عشرة للهجرة فقال يرثيه:
[poem font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
بطيبة َ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ منيرٌ، وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمة ٍ بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعَدُ
ووَاضِحُ آياتٍ، وَبَاقي مَعَالِمٍ، وربعٌ لهُ فيهِ مصلى ً ومسجدُ
بها حجراتٌ كانَ ينزلُ وسطها مِنَ الله نورٌ يُسْتَضَاءُ، وَيُوقَدُ
معالمُ لم تطمسْ على العهدِ آيها أتَاهَا البِلَى ، فالآيُ منها تَجَدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدهُ، وَقَبْرَاً بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلْحِدُ
ظللتُ بها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ عُيون، وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ
تذكرُ آلاءَ الرسولِ، وما أرى لهَا مُحصِياً نَفْسي، فنَفسي تبلَّدُ
مفجعة ٌ قدْ شفها فقدُ أحمدٍ، فظلتْ لآلاء الرسولِ تعددُ
وَمَا بَلَغَتْ منْ كلّ أمْرٍ عَشِيرَهُ، وَلكِنّ نَفسي بَعْضَ ما فيهِ تحمَدُ
أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدها على طللِ القبرِ الذي فيهِ أحمدُ
فَبُورِكتَ، يا قبرَ الرّسولِ، وبورِكتْ بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ
وبوركَ لحدٌ منكَ ضمنَ طيباً، عليهِ بناءٌ من صفيحٍ، منضدُ
تهيلُ عليهِ التربَ أيدٍ وأعينٌ عليهِ، وقدْ غارتْ بذلكَ أسعدُ
لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمة ً، عشية َ علوهُ الثرى ، لا يوسدُ
وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ، وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضُدُ
يبكونَ من تبكي السمواتُ يومهُ، ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمدُ
وهلْ عدلتْ يوماً رزية ُ هالكٍ رزية َ يومٍ ماتَ فيهِ محمدُ
تَقَطَّعَ فيهِ منزِلُ الوَحْيِ عَنهُمُ، وَقَد كان ذا نورٍ، يَغورُ ويُنْجِدُ
يَدُلُّ على الرّحمنِ مَنْ يقتَدي بِهِ، وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الخَزَايَا ويُرْشِدُ
إمامٌ لهمْ يهديهمُ الحقَّ جاهداً، معلمُ صدقٍ، إنْ يطيعوهُ يسعدوا
عَفُوٌّ عن الزّلاّتِ، يَقبلُ عُذْرَهمْ، وإنْ يحسنوا، فاللهُ بالخيرِ أجودُ
وإنْ نابَ أمرٌ لم يقوموا بحمدهِ، فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدّدُ
فَبَيْنَا هُمُ في نِعْمَة ِ الله بيْنَهُمْ دليلٌ به نَهْجُ الطّريقَة ِ يُقْصَدُ
عزيزٌ عليْهِ أنْ يَحِيدُوا عن الهُدَى ، حَريصٌ على أن يَستقِيموا ويَهْتَدوا
عطوفٌ عليهمْ، لا يثني جناحهُ إلى كَنَفٍ يَحْنو عليهم وَيَمْهِدُ
فَبَيْنَا هُمُ في ذلكَ النّورِ، إذْ غَدَا إلى نُورِهِمْ سَهْمٌ من المَوْتِ مُقصِدُ
فأصبحَ محموداً إلى اللهِ راجعاً، يبكيهِ جفنُ المرسلاتِ ويحمدُ
وأمستْ بِلادُ الحَرْم وَحشاً بقاعُها، لِغَيْبَة ِ ما كانَتْ منَ الوَحْيِ تعهدُ
قِفاراً سِوَى مَعْمورَة ِ اللَّحْدِ ضَافَها فَقِيدٌ، يُبَكّيهِ بَلاطٌ وغَرْقدُ
وَمَسْجِدُهُ، فالموحِشاتُ لِفَقْدِهِ، خلاءٌ لهُ فيهِ مقامٌ ومقعدُ
وبالجمرة ِ الكبرى لهُ ثمّ أوحشتْ دِيارٌ، وعَرْصَاتٌ، وَرَبْعٌ، وَموْلِدُ
فَبَكّي رَسولَ الله يا عَينُ عَبْرَة ً ولا أعرفنكِ الدهرَ دمعكِ يجمدُ
ومالكِ لا تبكينَ ذا النعمة ِ التي على الناسِ منها سابغٌ يتغمدُ
فَجُودي عَلَيْهِ بالدّموعِ وأعْوِلي لفقدِ الذي لا مثلهُ الدهرِيوجدُ
وَمَا فَقَدَ الماضُونَ مِثْلَ مُحَمّدٍ، ولا مثلهُ، حتى القيامة ِ، يفقدُ
أعفَّ وأوفى ذمة ً بعدَ ذمة ٍ، وأقْرَبَ مِنْهُ نائِلاً، لا يُنَكَّدُ
وأبذلَ منهُ للطريفِ وتالدٍ، إذا ضَنّ معطاءٌ بما كانَ يُتْلِدُ
وأكرمَ حياً في البيوتِ، إذا انتمى ، وأكرمَ جداً أبطحياً يسودُ
وأمنعَ ذرواتٍ، وأثبتَ في العلى دعائمَ عزٍّ شاهقاتٍ تشيدُ
وأثْبَتَ فَرْعاً في الفُرُوعِ وَمَنْبِتاً، وَعُوداً غَداة َ المُزْنِ، فالعُودُ أغيَدُ
رَبَاهُ وَلِيداً، فَاسْتَتَمَّ تَمامَهُ على أكْرَمِ الخيرَاتِ، رَبٌّ مُمجَّدُ
تَنَاهَتْ وَصَاة ُ المُسْلِمِينَ بِكَفّهِ، فلا العلمُ محبوسٌ، ولا الرأيُ يفندُ
أقُولُ، ولا يُلْفَى لِقَوْلي عَائِبٌ منَ الناسِ، إلا عازبُ العقلِ مبعدُ
وَلَيْسَ هَوَائي نازِعاً عَنْ ثَنائِهِ، لَعَلّي بِهِ في جَنّة ِ الخُلْدِ أخْلُدُ
معَ المصطفى أرجو بذاكَ جوارهُ، وفي نيلِ ذاك اليومِ أسعى وأجهدُ[/poem]
ورثاه أيضاً بقصائد متعددة كلها تترجم حزنه الشديد وأسفه البالغ.
وظل حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد الشعر في المسجد النبوي بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم، روى أبو هريرة رضي الله عنه: أن عمر بن الخطاب مرّ بحسان وهو ينشد الشعر فلحظ إليه _ أي نظر إليه شزراً_ فأجابه حسان: كنت أنشد الشعر وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « أجب عني، اللهم أيده بروح القدس» قال: اللهم نعم .
توفي حسان بن ثابت في المدينة المنورة. قال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام.وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.
و هذه من بعض مقاطع قصائد حسان بن ثابت
حسان يدافع عن الرسول صلى الله عليه و سلم
هجوت محمداً فأجبتُ عنـــــه
******
وعند اللـــــه في ذاك الجـــــزاء
هجوت محمداً براً تقيــــــــــاً
******
رسول اللـــــه شيمته الوفــــاء
أتهجوه ولـــست لــه بكـــفء
******
فشركما لخيركما الفـــــــــــداء
فإن أبــــي ووالده وعرضي
******
لعرض محمد منكم وقـــــــــــاء
ثكلت بنيتي إن لم تروهــــــا
******
تثير النقع موعدها كــــــــــداء
يبارين الأعنـــــــــة مصعدات
******
على أكتافها الأسل الظمــــــاء
فإن أعرضتمو عنـــا اعتمرنا
******
وكان الفتح وانكشـــف الغطاء
وإلا فاصبروا لضراب يــــــوم
ألا ليتَ شعري هل اتى أهلَ مكة
ألا ليتَ شعري هل اتى أهلَ مكة ٍ
إبَارَتُنَا الكُفّارَ في سَاعَة ِ العُسْرِ
قتلنا سراة َ القومِ، عندَ رحالهمْ،
فلمْ يَرْجِعُوا إلاّ بِقاصِمة ِ الظَهْرِ
قَتَلنا أبا جَهْلٍ وعُتْبَة َ قَبْلَهُ،
وشيبة َ يكبو لليدينِ وللنحرِ
وكمْ قَدْ قَتَلْنَا مِنْ كريمٍ مُرَزّإ،
لَهُ حَسَبٌ في قَوْمِهِ نَابِه الذّكْرِ
تَرَكْنَاهُمُ للخامعات تَنُوبُهُمْ،
ويصلونَ ناراً بعدُ حامية َ القعرِ
بكفرهمِ باللهِ، والدينُ قائمٌ،
وما طلبوا فينا بطائلة ِ الوترِ
لَعَمْرُكَ ما خَامَتْ فَوَارِسُ مالِكٍ
وَأشْيَاعُهُمْ يوْمَ التَقَيْنا على بَدْرِ
أمسَى الخلابيسُ قد عزّوا وقَد كَثُرُوا،
أمسَى الخلابيسُ قد عزّوا وقَد كَثُرُوا،
وَابْنُ الفُرَيْعَة ِ أمسَى بَيْضَة َ البَلَدِ
جاءَتْ مُزَينَة ُ مِنْ عَمقٍ لتُحرِجَني،
إخْسَيْ مُزَيْنَ، وفي أعناقكُمْ قِدَدي
يَمْشونَ بالقَوْلِ سِرَّاً في مُهَادَنَة ٍ،
يهددوني كأني لستُ منْ أحدِ
قدْثكلتْ أمهُ من كنتُ واجدهُ،
أوْ كانَ مُنتشِبَاً في بُرْثُنِ الأسَدِ
ما البَحرُ حينَ تَهُبُّ الرّيحُ شامِية ً،
فَيَغْطَئِلُّ وَيَرْمي العِبْرَ بالزَّبَدِ
يَوْماً بِأغْلَبَ مِنّي حِينَ تُبْصِرُني،
أفري من الغيظِ فريَ العارض البردِ
ما للقتيلِ الذي أسمو فآخذهُ
منْ دية ٍ فيهِ يعطاها ولا قودِ
أبلغْ عبيداً بأني قدْ تركتُ لهُ
منْ خيرِ ما يتركُ الآباءُ للولدِ
الدارُ واسعة ٌ، والنخلُ شارعة ٌ،
والبيضُ يرفلنَ في القسيّ كالبردِ